عظة الميلاد
(ميلاد المسيح، حضور الرّبّ معنا)
الأب أنطونيوس مقار إبراهيم
راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان
نحتفل بعيد ولادة المخلّص ربّنا وألهِنا يسوع المسيح - في بيت لحم. يعني هذا الاحتفال بالنسبة إلينا أنّ الله لم ولن ينسانا، ولم ولن يتخلّى عنّا، وهو دائمًا معنا."عمانوئيل الله معنا " إنّه اللهُ الواقفُ إلى معنا في ظروف حياتنا كلّها.
رسالة الميلاد هي رسالة حضور الله الدائم وسط الجماعة البشريّة " نعيمي هو أن أكون بين البشر " . حضورٌ يمنح السلامَ والاستقرارَ والمحبّةَ والفرحَ الحقيقيَّ كما أعلن الملائكةُ للرعاة: "يكون فرحٌ لجميع الشعب". تجسّدَ المسيح المخلِّص لأنّه يحبّنا، ولأنّه يحبّنا فقد سكن بيننا وأعطانا القوّة لنحيا في الحقّ الذي هُوَ هُو: "تعرفون الحقَّ والحقُّ يحرّركم".
"المسيح الكلمة المتجسد". "فيه تجلّى لطفُ اللهِ مخلّصِنا ومحبّتُه للناس". "فيه يحلّ ملءُ اللاهوت كلُّه، جسديًّا. المسيح هو صورة الله. هو ضياء مجد الله، وصورة جوهره، وضابط الجميع بكلمة قوّته". (كول 2: 9، 1: 15، عبر 1: 3، وطي 3: ). هو ظهور الله للإنسان بصورة إنسان. عرَفنا المسيحَ فعرَّفنا على الله الآب، وأعلن الكتاب المقدّس بالقول "هكذا أحبَّ اللهُ العالمَ حتّى بذلَ ابنه الوحيدَ فداءً للعالم". وهنا يمكننا أن نشاهدَ التمايزَ النابعَ من غنى الله وعطائه من دون مقابل، وجودَه علينا فيقول غبطةُ أبينا البطريرك إبراهيم إسحق في هذا الإطار هنااك تمييزٌ بين الغنيّ والكريم والجوّاد فإذا كان الغنيُّ هو مَن يمتلك الكثير، والكريم هو من يعطي ممّا يمتلك، فالجوّاد هو من يعطي ذاته «هكذا أحبّ اللهُ العالمَ حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلُّ مَن يؤمن به بل تكونَ له الحياةُ الأبديّة» (يو 3: 16)
الميلاد هو ميلاد السلام - السلامِ الحقيقيّ، السلامِ بين اللهِ والناس. هكذا تغنّتِ الملائكةُ "المجد لله في العُلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة ". وما أجمل أن نكون دُعاةَ سلامٍ لأنّه طوبي لصانعي السلام فإنّهم أبناءَ الله يُدعَون " لذا اتّصَفَت حياة القدّيسين بصلاتهم وطلبِهم المستمرَّيْن من أجل السلام وكان القدّيس بولس يناشد الجماعة المؤمنة في كل خطاباته بالقول السلام لكم والنعمة في ربنا يسوع المسيح ، كما أنّه كان يتمنّى على الجميعِ عيشَ السلامِ وتحقيقَه " سالموا جميع الناس إن أمكنكم ". كذلك تميّزتْ حياةُ القدّيس فرنسيس الأسيزيّ بطلبه من الرّبِ أن يكونَ أداةَ سلامٍ فَصلّى إلى الله قائلًا "يا رب اجعلني أداة لسلامك".
نحنُ، في المسيحِ، نصيرُ أبناءَ الله، والمسيحُ يخلّصنا من سلطان الشرّ وطغيانه، لأنّنا بنعمة روحه القدّوس نهزم الشرَّ بالخير «لا تدع الشر يغلبك بل اغلبِ الشرَّ بالخير» (رو ٢١:١٢) فنكونَ أداةً للسلامِ ونزرعَ الحبَّ والغفرانّ حيث الحقدُ والكراهية. السلامُ الحقيقيُّ هو سلامٌ نابع من المحبة، وهْو عكس السلامِ المعروفِ في العالم، الذي ينبعُ، في المعتادِ، من مصالحَ ذاتيّة.
نعم، وُلِدَ لنا مخلّص، وأرادَ أن يخلّصنا بأن يغفرلنا خطايانا وَيهْبَنا الحياة الأبديّةَ معه ومع أبيه وروحه القدّوس وأراد تتميم ذلك بالمحبّةِ القصوى، ببذله ذاته عن أحبّائه). يسوع المسيح يهبُ الحقّ للغالبين ، ابنُ الله يوفِّرُ الاتّفاقَ للعائلات، والحريّةَ للمأسورينَ، والقدوةَ للشباب، والقداسةَ للمعمّدينَ، والفرحَ للمبشّرين، والسلامَ لأنقياء القلوب، والعدلَ للمظلومين والنور للعميان، والرجاء لليائسين، والفرح للبائسين. يمنح العزاء للمنكسرين، والشفاء للمرضى، والدواء للمتألّمين،. يسوع يعطي الطعام للجياع،.... والرحمة للبؤساء، والخلاص للهالكين، والغفران للخطأة، والحياة لمن هم على حافة الموت والراحة للموتى
يقول غبطة البطريرك إبراهيم إسحق "الفرحُ الذي صنعه ميلادُ المسيح ليس حكرًا على أقليّةٍ ولا على نسلٍ معيَّنٍ من البشر، لأنَّه مقدَّم للناسِ جميعهم من دون استثناء.
وكم نحنُ في حاجة إلى أن نعيدَ اكتشافَ قوّة هذه البشرى وجمالَها، فاللهُ يريد أنّ الجميع يخلصوا وإلى معرفة الحقّ يبلغوا، وهو يريد أن يمتلئ بيتُه في وليمة الخلاص. فكم من النفوس تموت جوعًا ويسوع هو خبز الحياة، وكم من النفوس تموت من الظلمة ويسوع هو نور العالم، وكم من النفوس تموت من العزلة.
من نِعَم الميلاد وبركاته :
نرجو في عيد الميلاد أن تحلَّ علينا بركتُه وأن نتمتَّعَ بالفرح الذي حمله الملائكة للرعاة.
اليومُ يومُ ميلاد المخلِّص وهو اليومُ الفاصل بين :
1- الحياةِ القديمةِ التي كانت في آدمَ الأولِ والحياةِ الجديدةِ التي أُعطيت لنا في المسيح.
2- حكمِ الموتِ النهائيِّ الذي جلبَه آدمُ بعصيانه، ونعمةِ الحياة المَوهوبةِ لنا بطاعة المسيح.
3- الناموسِ والشريعةِ المكبِّلَيْنِ للإنسان وبين حياةِ النعمةِ المحرِّرة للإنسانِ من القيوِ كلِّها.
4- التكفيرِ الموقَّت للإنسان بالذبائح والمحرقات الحيوانيّةِ والتكفيرِ النهائيِّ بتقديمِ المسيحِ ذاتَه ذبيحةً على الصليب.
بالميلاد دخلنا سرَّ الشركة الحقيقيّة مع الله وبالمسيح المتجسِّد رأينا وجه الآب ." من رآني فقد رأى الآب ".
نرجو في عيد الميلاد أن تحلَّ علينا بركتُه وأن نتمتَّعَ بالفرح الذي حمله الملائكة للرعاة.
اليومُ يومُ ميلاد المخلِّص وهو اليومُ الفاصل بين :
1- الحياةِ القديمةِ التي كانت في آدمَ الأولِ والحياةِ الجديدةِ التي أُعطيت لنا في المسيح.
2- حكمِ الموتِ النهائيِّ الذي جلبَه آدمُ بعصيانه، ونعمةِ الحياة المَوهوبةِ لنا بطاعة المسيح.
3- الناموسِ والشريعةِ المكبِّلَيْنِ للإنسان وبين حياةِ النعمةِ المحرِّرة للإنسانِ من القيوِ كلِّها.
4- التكفيرِ الموقَّت للإنسان بالذبائح والمحرقات الحيوانيّةِ والتكفيرِ النهائيِّ بتقديمِ المسيحِ ذاتَه ذبيحةً على الصليب.
بالميلاد دخلنا سرَّ الشركة الحقيقيّة مع الله وبالمسيح المتجسِّد رأينا وجه الآب ." من رآني فقد رأى الآب ".
بالميلاد نالت الأممُ والقبائلُ جميعُها بركةَ إبراهيمَ وبرَّ إيمانه " فقد آمنَ إبراهيم فحُسب له برّا".
بالميلاد صرنا رعيّةَ واحدة مع القدّيسين وفيه أُعلن ملكوتك الله ودخولُنا المكلوت أو دخولُ الملكوت إيّانا." ملكوت الله في داخلكم" .
بالميلاد ظهرت مشورة الله الأزليّةُ لارتقاء الإنسان نحو الأسمى " إذ المسيح جمع في نفسه كلّ ما هو لله وكلّ ما هو للإنسان ".
بالميلاد تمّتِ المصالحةُ الكبرى بين الأرضيّين والسمائيين وهُدم حاجزُ العدواةِ القديمةِ الفاصلةِ بين الله والإنسان .
بالميلاد صرنا رعيّةَ واحدة مع القدّيسين وفيه أُعلن ملكوتك الله ودخولُنا المكلوت أو دخولُ الملكوت إيّانا." ملكوت الله في داخلكم" .
بالميلاد ظهرت مشورة الله الأزليّةُ لارتقاء الإنسان نحو الأسمى " إذ المسيح جمع في نفسه كلّ ما هو لله وكلّ ما هو للإنسان ".
بالميلاد تمّتِ المصالحةُ الكبرى بين الأرضيّين والسمائيين وهُدم حاجزُ العدواةِ القديمةِ الفاصلةِ بين الله والإنسان .
بالميلاد وُلِدَت النعمةُ في حياتنا، لأنّ الحياةَ الإلهيّةَ ولدت فينا. وُلِدنا اليوم لنقبل حياة المسيح. وُلِدَ الفرحُ في حياتنا، وهذا الفرح شدّنا إلى الخروج من ذواتنا، نحو أخينا الإنسان....وُلِدَ النورُ فينا، وهذا يمكّننا أن نضع حدًّا للظلمة التي تحاول أن تسيطر علينا.
أيّها السيّد المسيح، أنتَ مَلِكنا وحياتنا، فلكَ المجد والعزّة والكرامة. نعم، "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام". نعم، وُلِدَ لنا مخلّص... حقًّا مخلّص...
نصلّي في هذه الليلة متّحدين مع قداسة البابا فرنسيس والآباء البطاركة والأساقفة من أجل وطننا الغالي مصر ولبنان، ومن أجل سيادة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي والرئيس ميشيل عون والمعاونين لهم فى خدمة الوطن، وكل من يحملون المسؤولية بأمانة طالبين لهم الصحّة والعون الدائم لمواصلة العمل من أجل كرامة الإنسان وسعادته . ليمنح الرب بلادنا السلام والفرح والأمان. كما نصلّي من أجل من يحتفلون معنا بعيد ميلاد الرب يسوع ونهنِّئهم متمنّين أن يغمر فرحُ المسيح قلب كلِّ إنسان.
تعليقات
إرسال تعليق