العهدان عهد الشيخوخة وعهد الفتية
العهدان عهد الشيخوخة وعهد الفتية
اليصابات مريم
من المستحيل الى الغير مستحيل
(لوقا ١ : ٣٩ – ٤٥).
الاب انطونيوس مقار ابراهيم
راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان
قال لوقا البشير: في تلك الأيام قامَتْ مريم وذهبتْ مُسرعة إلى الجبل, إلى مدينةٍ في يهوذا. ودخلتْ بيتَ زكريا, وسلـّمتْ على أليصابات. ولمـّا سمِعتْ أليصابات سلام مريم, ارتكض الجنين في بطنها, وامتلأتْ من الروح القدس. فهتفتْ بأعلى صوتها وقالتْ" "مُباركة أنتِ في النساء, ومباركة ثمرة بطنك! ومِنْ أينَ لي هذا أن تأتي إليّ أمّ ربّي؟ فها مُنذ وقعَ صوتُ سلامِكِ في أذنيّ, ارتكضَ الجنينُ ابتهاجا في بطني! فطوبى للتي آمنتْ أنهُ سيتمّ ما قيلَ لها منْ قِبَل الربّ!".
هو ذاته الملاك جبرائيل الذي أعلن البشارة لكل ٍ زكريا ومريم، بمولد يوحنا المعمدان ومولد الرب يسوع المسيح بقوة الروح القدس، والعذراء مريم الفتاة قامت مسرعة وذهبت الى مدينةٍ في يهوذا الى اليصابات لتشاركها الفرحة ، مكثت عندها، وخدمتها بدافع المحبة.
الكنيسة هنا تدعونا الى قبول الطابع الخلاصي لهذه البشارة الجميلة.فزيارة مريم هي درس ايماني عظيم فمنها تعلن مسيرتها مع الله على درب الايمان والطاعة من جهة ومن جهة أخرى هي (الزيارة ) تعلن الشهادة لسر الحب الالهي المكون في احشائها، شهادة الايمان الكامل والمحبة الثابته والخدمة المتفانية.
"قامت ومضت مسرعة إلى الجبل"
تعني كلمة "قامت" في الإنجيل حركة مبادرة طواعية حرة نابعه من الداخل بإلهام الروح القدس لتقدم فعلٍ ما لإعلان سر الله المتجسد فيها، وهذه الخطوة " قامت مسرعة ليست فقد حركة انتقال من مكان الى مكان بل هي حركة شهادة حقيقة تبشر بالسلام الآتي "عندما وصل صوتك سلامك الى آذاني إرتكض الجنين بتهليل في بطني" فما أجمل اقدام المبشرين بالسلام" وقياما بمبادرة تنطوي على اندفاع روحي. كلمة تذكرنا فمريم العذراء اليوم هي أول مبشر بخبر الفرح والخلاص في العهد الجديد وتصير في الكنيسة مثال حي للذين ينطلقون لحمل نور المسيح والفرح لكافة الأمم.قامت مريم وهذه الحركة هي التى قادت فيما بعض الإبن الضال الذي "قام ومضى راجعا إلى أبيه"متحرراً من عري الخطيئة مرتدياً ثوب الحرية، ولاوي العشار الذي "قام وتبع يسوع"متحولاً من موظفٍ يٌظر له بازدراء وتحقير الى رسول يحمل انجيل المسيح بكل تقدير،وهكذا زكا العشار الظالم والمكروه الى الرجل العادل المحبوب ووالكريم،وايضاً يسوع عندما قام عن العشاء ليغسل أرجل تلاميذه أعطاهم المثل وقال افعلوا انتم أيضاً كما فعلت أنا أيضاً بكم" ولما قام من بين الاموات صارت لنا فيه الحياة الابدية.
حدث الزيارة اليوم 1-جوهري ومميز ولم يكن فقد مجرد لقاءٍ عابرٍ بل هو زيارة مريم وشهادة فيها إظهار ملامح وجه يسوع المخلص " المدعو من السماء بقوة الروح القدس " عمانوئيل" أي الله معنا والي سيبدأ عهداً جديداً بين الله والانسان ووجه يوحنا المعمدان الصوت الصارخ ليهيء طريق الرب.2- فيه مع زكريّا ننتقل من هيكل أورشليم الارضي إلى هيكل الله الحقيقيّ الجديد مع مريم في الناصرة لذا فمبادرة مريم بزيارتها لإليصابات، لما أراد داود النبي أن ينقل تابوت العهد إلى صهيون إلى مدينته، لم يفكر في وضعه ومركزه بين شعب الله، بل إنه اندفع بالفرح وأخذ يرقص أمام تابوت العهد (راجع 2صم 6: 16). ومريم العذراء تمثِّل التابوت الحي الذي للعهد الجديد، فهي التي حملت الكلمة الإلهي في أحشائها، وعَبَرَت به جبال اليهودية هي أشبه بمبادرة داود بنقل تابوت العهد إلى أورشليم،وفرح الجنين يوحنّا ابتهاجًا، هو أشبه برقص الملك داود وفرحه أمام تابوت العهد؛ وهتاف إليصابات بأعلى صوتها، هو أشبه بالهتاف الشديد وصوت البوق أمام تابوت العهد فهذا الربط الكتابيّ بين العذراء وتابوت العهد، يُدخلنا في المعنى اللاهوتيّ لحدث الزيارة: ترمز إليصابات العاقر إلى الإنسانيّة القديمة في علاقتها بالإنسانيّة الجديدة التي ترمز إليها مريم. إذًا فالعهد الجديد هو الذي يُعطي القديم كلّ معناه. ثمّ إن الروح القدس هو القوّة الفاعلة في مريم وإليصابات، وهو الذي حوّل اللقاء البشريّ إلى تسبيح وشكران وتسليم الذات لعمل الله الخلاصيّ. وهكذا تستبق زيارةُ العذراء لإليصابات، زيارةَ ابن الله المتجسّد فيها، ليزور أرضنا، ويجدّد خلقنا بسرّ ميلاده المخلّص
زيارة مريم لاليصابات تعطي نموذجًا لما يجب أن تكون عليه زياراتنا، فنحن نرهما في فرح يسبحان الله على عطاياه، (عوضًا عن جلسات الشكوى والتذمر) وهنا مريم تحمل في داخلها المسيح القدوس ونحن مدعين الى حمل مسيحنا لكل انسان واعلان امومة العذراء كما اعلنتها اليصابات " من اين لى أن تأتي إلىّ ام ربي"هناوسمّت أليصابات يسوع رأساً ربّاً، لان الرّوح القدس أعلن لها أنّ الله الربّ حلّ في أحشاء البتول مريم فانحنت الشيخة الكبيرة أمام العذراء المتواضعةالتى آمنت بكلمة الله بلا قيد أو شرط. فبواسطة إطاعة إيمانها، صار المستحيل ممكناً. هذا هو شرفها وامتيازها وحقّها. فإيمان مريم هو الباب، الّذي أتى به الله إلينا ليردنا إليه ، فهل لديك الايمان بالمسيح المنتصر دائما؟ وهل تثق في مشيئة الرب في حياتك، حتى لو كنت ضعيف وغير مستحق؟وهل تؤمن أن الرب بواسطة روحه القدوس قادر أن يحررك من ضعفك، من خطاياك ،من عبوديتك، من امراضك، وأوجاعك.؟أنت مستعد أن تأتي اليه في زيارة بنوية له كما قامت مريم بزيارة اليصابات، تعال إليه حاملاً ذاتك بكل ما فيها وهناك ستنال الحرية ،القوة ، الشجاعة، المغفرة، الشفاء، السعادة والفرح الدائم ومعه ستتكلل بالمجد والحياة الابدية وستبقي تسبح وتمجد الرب،وتحيا حياتك في طهرٍ ونقاءٍ وبهجة.
. نسمع كلمة الرّب ونقبلها في حياتنا، فننطلق الى الخدمةبهموو نشاط بإيمان وعزيمة بالروح القدس الّذي يجعلنا قادرين على أن نميّز إرادة الله في حياتنا، هو الّذي يملأ كياننا ملأ حشا أليصابات وجعلها تثمر بعد عقم طويل. وملء مريم فحملت المسيح الذي جاء ليعطينا الفرح، وليكون فرحنا كاملاً فهو دوماً حاضر في حياتنا.
المراجع
كتاب يسوع في حياته - أديب مصلح ص153
كتاب يسوع في انجيله - أديب مصلح ص35
تفسير انجيل لوقا للقمص تادرس ملطي الاصحاح الاول
تفسير انجبل لوقا للقمص كتى المسكين الاصحاح الاول
القراءة الربية للمونسنيور بولس فغالى حول انجيل احد الزيارة
تعليقات
إرسال تعليق