أتحبني يا سمعان بن يونا

أتحبني يا سمعان بن يونا
الاب انطونيوس مقار ابراهيم
راعي الأقباط الكاثوليك في لبنان
نص الإنجيل : يوحنا(21/15-25)
بَعْدَ الغَدَاء، قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُس: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّنِي هؤُلاء؟». قَالَ لَهُ: «نَعَم، يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِرْعَ حُمْلانِي».قَالَ لَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟». قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِرْعَ نِعَاجِي!».
قَالَ لَهُ مَرَّةً ثَالِثَة: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟». فَحَزِنَ بُطْرُس، لأَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ ثَلاثَ مَرَّات: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيء، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِرْعَ خِرَافِي!
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكَ: حِينَ كُنْتَ شَابًّا، كُنْتَ تَشُدُّ حِزَامَكَ بِيَدَيْكَ وتَسِيرُ إِلى حَيْثُ تُرِيد. ولكِنْ حِينَ تَشِيخ، سَتَبْسُطُ يَدَيْكَ وآخَرُ يَشُدُّ لَكَ حِزامَكَ، ويَذْهَبُ بِكَ إِلى حَيْثُ لا تُرِيد».قَالَ يَسُوعُ ذلِكَ مُشيرًا إِلى المِيتَةِ الَّتِي سَيُمَجِّدُ بِهَا بُطْرُسُ الله. ثُمَّ قَالَ لَهُ: «إِتْبَعْنِي!».وَٱلتَفَتَ بُطْرُس، فَرَأَى التِّلْمِيذَ الَّذي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُمَا، وهُوَ الَّذي مَالَ عَلى صَدْرِ يَسُوعَ وَقْتَ العَشَاءِ وقَالَ لَهُ: يَا رَبّ، مَنْ هُوَ الَّذي يُسْلِمُكَ.
فَلَمَّا رَآهُ بُطْرُسُ قَالَ لِيَسُوع: «يَا رَبّ، وهذَا، مَا يَكُونُ لَهُ؟».
قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِنْ شِئْتُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى أَجِيء، فَمَاذَا لَكَ؟ أَنْتَ، ٱتْبَعْنِي!».
وشَاعَتْ بَيْنَ الإِخْوَةِ هذِهِ الكَلِمَة، وهِيَ أَنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لا يَمُوت. لكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لا يَمُوت، بَلْ: إِنْ شِئْتُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى أَجِيء، فَمَاذَا لَكَ.
هذَا التِّلْمِيذُ هُوَ الشَّاهِدُ عَلى هذِهِ الأُمُور، وهُوَ الَّذي دَوَّنَهَا، ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقّ.وصَنَعَ يَسُوعُ أُمُورًا أُخْرَى كَثِيْرَة، لَوْ كُتِبَتْ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، لَمَا أَظُنُّ أَنَّ العَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُهَا أَسْفَارًا مَكْتُوبَة.
بعد أن تناول المسيح الغدا مع تلاميذه عاد يسوع مجدداً يدعوا بطرس الى إتباعه فوجه له حديثه،منادياً إياه بإسمه السابق سمعان لأنه أنكره وعاد الى حالته الإولى بعد أن كان يسوع دعاه بالصخرة كيفا بطرس وأعطاه مفاتيح الملكوت  فقال له يسوع ياسمعان بن يونا : "أتحبنى أكثر من هؤلاء؟"
وهنا، يجيب بطرس "أنت تعلم أنى أحبك." يكرر المسيح السؤال مرتين بعد الأولى، ليقابل إنكار بطرس ثلاث مرات. إلا أنه فى المرة الثالثة، أراد أن يدفع عن نفسه تهمة عدم حبه للمسيح، فقال له: "أنت تعرف"، أى أنك لست محتاجا لإجابتى على السؤال، فأنت فاحص القلوب وتعلم ما بداخلها... وتعلم أيضا أننى, وإن كنت أنكرتك، فهذا عن ضعف بشرى، فكان تعليق المسيح تكليفا لبطرس بأن برهان الحب الحقيقى هو رعاية الخراف، أى النفوس أو الكنيسة، فحب الخادم الأمين لسيده هو رعاية أبنائه بكل أمانة وتفانٍ وبذل، وليس بالكلام أو ادعاء هذا الحب الذى قد يخور، بسبب ادعائنا الباطل، أمام التجارب، كما حدث أولا مع بطرس.
كلام يسوع مع بطرس ، يفتح امامنا المجال التفكير في أمورنا الروحية ومستقبل حياتنا كلها مع يسوع  فهو ينطبق علينا في معناه الروحي . فكثرٌ منا في مراحل حياته ولا سيما في بدايتها الإيمانية يعاني من حالات الحماس والإندفاع واحياناً الفتور والتراخي والكسل والنظر غلى الوراء،بسبب قلة الخبرّه الإيمانية، والإعتماد على الذات اكثر من الإعتماد على الله . ولكن، عندما ينمو الإنسان ويزداد خبرةً فى حياته الروحية، فإنه يصير أكثر اتضاعا وطاعة لعمل الروح القدس، فله أن ينمو ولى أن أنقص وتبدأ حياة التسليم الكامل له ولمشيئته الإلهية، وهذا ما اوضحه لنا الانجيل اليوم " فى  إنك يا بطرس، فى حداثة إيمانك، كنت مندفعا، فتعد بما لا تقدر عليه. ولكن عندما تنمو، فالموت الذى أخافك قبلا، ستقدم عليه بقوة الروح القدس العاملة فيك، وتقبل الصلب منكس الرأس، وتصير حياتك فى أواخرها واستشهادك، هما أكبر تمجيد تقدمه لاسمى القدّوس. وجميعنا، ما أحوجنا يا الله أن نتكل على عمل روحك القدّوس فى حياتنا، مفرغين ذواتنا، رافعين إليك أيدينا،ونُسلم لك قلوبنا وحياتنا لتكون أنت الراعي الأمين والقائد الذي يقودنا بارادته الصالحة لنكون فيك وانت تكونَ فينا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نقاوة القلب وعدم السير في طريق الشر

مَن هم الأربعة الحيوانات غير المتجسدين

تعرفوا على أسماء العذراء في العهد الجديد